حادث سيارة يقلب الموازين و"بكرا أحلى" تساند

في غرفة مظلمة، وبين أحضان جدران باردة وغير اعتيادية، فتح خالد مقلتاه ليرى سقفاً أبيضَ، ويسمع أصوات أجهزة لم يعتاد على وجودها، غير مدركٍ حجم المأساة التي تنتظره بعد.

يقطن المحاسب خالد أنور (26 عاماً)، مع زوجته وابنته الوحيدة ليا في شقة واسعة في العاصمة أبوظبي. وفي 27 من آذار (مارس) العام الجاري، كان أنور في طريقه إلى المنزل بعد يوم عمل شاق وطويل، قضى جله على كرسي خشبي، خلف شاشة كمبيوتر، ليخلص ما استطاع من معاملات بنكيبة.

وبينما كان أنور يقود سيارته الخاصة على جسر المصفح، أبوظبي، دعمت سيارة مسرعة واجهة سيارته من الخلف، فانقلبت السيارة في الهواء ثلاث مرات، وسقطت في حفرة واسعة، لينجو أنور من هذا الحادث بأعجوبة كما ذكر شهود عيان لجريدة الاتحاد.

ونُقل أنور إلى المستشفى في الوقت المناسب، كما صرح الطبيب المناوب، لكنه كان قد فقد ساقه اليسرى بعدما نخرَ حديد سيارته عظام ساقه، فتقطعت الشرايين، وتمزقت الأربطة.

صورة تعبيرية لحادث سيارة

واستفاق أنور بعد 15 ساعة، على صوت رنين الأجهزة الطبية في المستشفى وتحسس ساقه فلم يجد شىء وهنا كانت الصاعقة.

ذاق أنور مُرَّ الحرمان، واستنشق آلام عميقة لم تكن في الحسبان، ودخل في متاهة من التساؤلات والأفكار المتناقضة حول كل شىء، إذ أعاد هذا الحادث صياغة أولوياته وصناعة حياته من جديد.

وأبرز ما أقدم أنور على فعله فور تقبله فكرة الاستعانة بالعكازة مدى الحياة، هو المساهمة في إنشاء جمعية خيرية لذوي الاحتياجات الخاصة، وبشكل خاص لأصحاب الأعضاء المبتورة، أي الحالات المشابهة لوضعه.

وباشرت هذه الجمعية باسم "بكرا أحلى" العمل منذ ثلاثة أشهر في العاصمة أبوظبي، إذ تمكنت من التواصل مع غالبية الفئة المستهدفة في المنطقة. وأحرزت "بكرا أحلى" تقدماً ملحوظاً في فترة زمنية قصيرة، كما أثرت المنطقة بمجموعة من الفعاليات والنشاطات التي حسنت من جودة حياة كل فرد معني بها.

وأصبح أنور يقضي جل وقته في الجمعية، ينصت إلى هذا وذاك، ويتبادل أطراف الحديث مع أناس يشبهوه رغم اختلاف القصص والحكايات التي ميزتهم، إلا أن المعاناة جمعتهم.

وأردف أنور:"أنا منهم وهم مني، وأشكر الله على الطريق الذي اختاره لي حتى صادقت وخاويت أشخاص قلوبهم صافية كالمياه، خالية من الشوائب"، مضيفاً:" ممتن لهذه التجربة التي أخذت مني الكثير كما أعطتني الكثير".

ومنذ انطلاقة جمعية "بكرا أحلى" المدعومة من قبل حكومة أبوظبي، تقلصت نسبة المشاكل النفسية التي تواجهها الفئة المستهدفة في المنطقة. كما تسعى "بكرا أحلى" إلى توفير فرص عمل لأصحاب الأعضاء المبتورة من ذي الاحتياجات الخاصة، تتناسب مع قدراتهم وخبراتهم ليندمجوا مع باقي أفراد المجتمع.