مكتبة محمد بن راشد: ريحان ينشر عبق الثقافة في دبي

امتزج الفن والأدب، احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية، في أمسية موسيقية وثقافية، نظمتها مكتبة محمد بن راشد في دبي، الجمعة، 8 كانون الأول (ديسمبر)، وقدمها الفنان والملحن التونسي، لطفي بوشناق، إذ استعرض جماليات الشعر الفصيح، في ساعتين تناغم روح الشعر بالثقافة، داخل صرح ثقافي يجمع بين فنون متنوعة وعلوم متعددة، ملبياً نداء الفن والكلمة الراقية.

لطفي بوشناق في مكتبة محمد بن راشد (صحيفة البيان)

وافتتح مكتبة محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في حزيران ( يونيو) 2022، على مساحة ضخمة تتجاوز نصف مليون قدم مربع، وتبلغ قيمة الاستثمار فيها مليار درهم إماراتي، لتمثل إحدى أهم الوجهات الثقافية والتعليمية والسياحية على حد سواء.

واشتهرت المكتبة بتصاميمها المعمارية المبهرة وموقعها الفريد من نوعه، فشُيِّدت على خور دبي، في الجداف، بجوار أحواض بناء السفن حيث كان الحرفيون يصنعون المراكب الشراعية الخشبية التقليدية يدويًا لعقود من الزمن. أما تصميم المبنى فأشبه بكتاب مفتوح، استوحِيَ من قاعدة ريحل التي تستخدم لحمل الكتب وتحديداً القرآن الكريم.

تصميم المكتبة من الخارج

 وتشمل المكتبة كلاً من المبنى الرئيس والذي يتكون من سرداب وطابق أرضي وسبعة طوابق علوية، كما تحتوي على مختبر رقمي ومختبر المحافظة على الكتب وتجميع ومعالجة وإدارة المواد، ومختبر التحويل الرقمي.

وتضم المكتبة 9 مكتبات منفصلة لكل منها اختصاص، بدءاً من الإعلام والفنون، إلى عالم الأعمال، والخرائط، والأطالس، وكتب الأطفال، والشباب، ومجموعة من الكنوز الأرشيفية الثمينة.

وتحتوي المكتبة على 1.1 مليون كتاب مطبوع وإلكتروني في 170  لغة مختلفة، وتتيح أكثر من ستة ملايين رسالة علمية، و73 ألف نوتة موسيقية، و75 ألف مقطع فيديو، و35 ألف مجلة دولية مطبوعة ورقمية، وما يقارب 500 من المخطوطات والمقتنيات النادرة، لتكون ملتقى ووجهة غنية للمهتمين بالعلوم والمعرفة بكافة أنواعها.

جزء من الكتب الممتدة على رفوف المكتبة

وقال المؤلف الإماراتي وعضو مجلس إدارة المكتبة، جمال الشحي ل MBRSC Post: تُعرف دبي بكونها مركزاً للأعمال والتجارة والسياحة، ولكن هذا المبنى الأيقوني يعطي رسالة مفادها أن الخلفية الثقافية موجودة في دبي، ولا يوجد شيء أفضل من الكتب لتوصيل هذه الرسالة".

وحسب صحيفة الإمارات اليوم، فإن هدف المكتبة هو تعزيز وتعميم ثقافة القراءة ودعم النشاط الإبداعي والمعرفي والفني على الصعيد الفردي والمجتمعي، وتوفير منصة معرفية للعقول الأدبية والإبداعية في المنطقة والعالم، بجانب دعم وتسهيل وصول الكتاب.

وتوفر مكتبة محمد بن راشد 400 ألف عنوان إلكتروني غير متوفر على رفوفها، ويمكن للأعضاء المشتركين (مجاناً) طلبها عبر تطبيق المكتبة أو تنزيلها من الأجهزة الموجودة في أي من المكتبات التسع.

وتوجد كتب خاصة بالقرّاء الذين يعانون من ضعف البصر، ومساحة هادئة بها حجرة قراءة للزوار من أصحاب الهمم.

وفي الإطار عينه، بين الزائر أحمد سالم (مُقعد)، "عن سهولة وسلاسة التنقل بين أقسام المكتبة المختلفة"، مع الخصوصية العالية التي تمنحه ياها المكتبة في الحجر المخصصة له ولذويه من أصحاب الهمم.

وعن عدد زوار المكتبة، كشف موظفو مكتب خدمة العملاء، أن عدد الزوار وصل إلى أكثر من نصف مليون زائر خلال العام الأول، معظمهم من فئة الطلاب والشباب، بمعدل 1500 زائر في اليوم الواحد.

وفي السياق ذاته، قال طالب الحقوق في الجامعة الكندية في دبي، ميار أبوحسون: "مكتبة محمد بن راشد، مكاني المفضل ووجهتي الأولى للدراسة والعمل، في مكان مريح، ويوفر جميع ما أحتاج لإنجاز مهامي".

وبيّنت، الطالبة في صف الخامس (10 أعوام)، ليان عيسى، عن حبها للمكتبة وللتقنيات الحديثة فيها معبرةً: "أحب أن آتي إلى هذه المكتبة لرؤية الروبوت الآلي الذي يروي أجمل القصص".

وفي الطابق الأرضي، حققت مكتبة الأطفال، المصممة للذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، شعبية واسعة. ويوجد حالياً حوالي 17 ألف عنوان يملأ الرفوف في هذه المكتبة وحدها، إلى جانب أجهزة "الآيباد" العديدة.

مكتبة الأطفال بألوانها الزاهية

وفي الطابق نفسه، يقع المخزن الآلي، والذي تلعب فيه الروبوتات دور البطولة، فتتحرك وفق أوامر محددة، لتتولى مهمة إحضار الكتاب للزوار، بناءً على الرقم التسلسلي التي تحمله.

ومن الأدب والشعر والتكنلوجيا إلى البيئة، حيث تستضيف مكتبة محمد بن راشد معرضًا مؤقتًا في الطابق الأرضي أيضاً، "الخور غاليري"، بعنوان "أفق الاستدامة.. عالم من المعرفة الخضراء"، وذلك بالتزامن مع مؤتمر الأطراف (COP28) المنعقد في الإمارات من 30 نوفمبر الماضي إلى 12 ديسمبر الجاري.

ويضم هذا المعرض 500 كتاب، بالإضافة إلى مجموعة مميزة من العناوين والموسوعات والمجلات والتي تسلط الضوء على محور الاستدامة، وتتناول موضوعات بيئية كالتغير المناخي العالمي؛ لتعزيز الوعي بقضايا الاستدامة وأهميتها في الحفاظ على الموارد للأجيال القادمة.

وتنظم المكتبة، خلال شهر ديسمبر الجاري، سلسلة متنوعة من الفعاليات التثقيفية والأدبية المميزة والمجانية، والتي تناسب جميع الفئات العمرية من أفراد المجتمع.

وتفتح المكتبة أبوابها للزوار من الإثنين إلى السبت؛ من الساعة 9 صباحاً حتى 9 مساءً، ويوم الجمعة من 2 ظهراً حتى 9 مساءً، أما يوم الأحد فهو إجازة رسمية.